
ظل التحديات المتزايدة التي تواجه سوق العمل الموريتاني، تبرز مدرسة التكوين المهني والتقني بروصو كنموذج حي لنجاح السياسات الهادفة إلى تأهيل الشباب وتمكينهم من ولوج عالم الشغل بخبرات عملية ومهارات تقنية متقدمة، حيث تقدم المدرسة تكوينا متخصصا في عدة مجالات تقنية ومهنية ذات صلة مباشرة باحتياجات السوق، تشمل الكهرباء المنزلية، التجارة الخشبية، اللحامة، الطاقات المتجددة، التبريد والتكييف، السباكة، الصرف الصحي، المكننة الزراعية، ونجارة الألمنيوم.
وتعتمد في ذلك على مناهج عملية حديثة تركز على التطبيق الميداني والممارسة المباشرة، وهو ما يجعل الخريجين على استعداد تام للاندماج في سوق العمل فور تخرجهم.
وهناك أرقام تعكس نجاح هذه المدرسة حيث يبلغ عدد تلامذتها حالياً 405 تلميذ، فيما تجاوز عدد الخريجين منذ تأسيسها سنة 1990 أكثر من 2700 خريج، تلقوا تكوينات قصيرة ومتوسطة في تخصصات حيوية وضرورية لسوق العمل الوطني.
هذا النجاح الكمي والنوعي يعكس الدور المحوري الذي تلعبه المدرسة في تأطير وتأهيل اليد العاملة الوطنية، وتقليص الاعتماد على الخبرات الأجنبية في المجالات الفنية.
فإشادة الإدارة والخريجين تجسد ذلك، ففي تصريح خاص للوكالة الموريتانية للأنباء ، أوضح مدير المدرسة، السيد إسحاق ولد دكيه، أن المؤسسة تمكنت من تكوين أكثر من 2700 مواطن موريتاني في التخصصات المسندة إليها، مضيفًا أن هذه التخصصات كانت في السابق تُمارَس حصريًا من طرف الأجانب، لكنها أصبحت اليوم بين أيدي الكفاءات الوطنية المدربة داخل الوطن وبإشراف وطني.
وأشار إلى أن خريجي المدرسة يجدون فرص العمل بسرعة، بفضل حرص المدرسة على مواءمة التكوين مع متطلبات سوق العمل، الشيء الذي أحدث قصص نجاح ملهمة، ومن ذلك قصة السيد عمر الشيخ التجاني سي، أحد خريجي المدرسة، الذي أكد أنه تلقى تكوينا مكثفاً في مجال نجارة الألمنيوم، وأصبح يزاول المهنة بإتقان تام.
وبيّن أن المشرفين على التكوين لا يدخرون جهداً في توفير المعارف النظرية والمهارات التطبيقية، مما يمنح المتدرب تكويناً شاملاً.
أما السيدة ميه بنت بيه فقد روت تجربتها مع المدرسة في مجال السباكة، مؤكدة أنها أصبحت قادرة على تنفيذ كل الأعمال المتعلقة بتخصصها بكل كفاءة. ووصفت التكوين بأنه عالي الجودة، نظراً لتوفر الوسائل الحديثة وكفاءة الطواقم المشرفة والتنظيم الجيد.
هذا النجاح والتميز جعل مدير المدرسة يتقدم بدعوة صادقة للشباب الموريتاني، خصوصاً أولئك الذين لم يتمكنوا من مواصلة تعليمهم الأكاديمي، إلى التوجه نحو التكوين المهني، لما يوفره من فرص حقيقية وسريعة للاندماج في سوق العمل وتحقيق دخل مستقر.
إذن، مدرسة التكوين المهني والتقني بروصو لم تعد مجرد مؤسسة تعليمية، بل أصبحت رافعة حقيقية للتنمية البشرية، ومختبراً ناجحاً لإعداد الكفاءات الوطنية في مختلف التخصصات التقنية، فبجهودها المستمرة تجعل منها نموذجاً يُحتذى به في سبيل بناء اقتصاد وطني قوي قائم على سواعد شباب بلدنا المعطاء.